لا تنتخبوا مرشح آل كابوني Al Capone؟
فادي عبود
Saturday, 05-Feb-2022 06:36

تعود الانتخابات النيابية هذا العام بعد أن مرّ لبنان بأزمات خانقة، فقد عانى الشعب انهيارا ماليا أثّر على حياة المواطنين الذين فقدوا مداخيلهم من ودائع ورواتب وتعويضات... واندلعت انتفاضة شعبية طالبَ فيها المواطنون بالتغيير والمحاسبة لاستعادة الحقوق وبعدها سكتوا...

ولكن هل تغيّرت العقليات بعد هذه الأزمات؟ هل تعلّم الناخب كيف يكوّن خياراته الانتخابية؟


اذ يبدو انّ معظم النشاطات الانتخابية اليوم ما تزال ترتكز على الخدمات والمال الانتخابي وتقديم المساعدات المختلفة؟


ألم نتعلّم بعد انّ هذا المال الانتخابي قد ساهم بدرجة كبيرة في ايصالنا الى التعتير والانهيار؟


نعتقد اننا نحقق مكسباً في كل مرة نقبل رشوة انتخابية او نختار مرشحاً مقابل خدمة محقة او مع الاسف غير محقة (تغطية على مخالفة...) يجب ان نتذكر انّ من يدفع أموالاً في الانتخابات سيستعيدها اضعافاً من حقوق الناس واموالهم، لقد اشتروا منّا المستقبل بالرخيص وبعناه، والآن وصلنا الى واقع مهين ونعيش بالتعتير، فهل نريد بيع مستقبلنا مرة أخرى؟


أذكر في هذا السياق آل كابوني Al Capone، زعيم المافيا في شيكاغو، الذي أدى دورًا مهمًا في مساعدة ويليام تومسون على الفوز في انتخابات عُمدَة شيكاغو في العام 1927، وتبرَّع بمبلغ 250 ألف دولار (في حينه هذا مبلغ هائل «مش لولار») لدعم ويليام في الانتخابات، وحَظي بحماية جراء ذلك لتوسيع اعماله الاجرامية. هذا مثال عن مدى خطورة المال الانتخابي في السماح للاجرام والفساد في تحقيق اهدافه.


الأهم من ذلك، بَدل ان يقبل الناخب هدية من اي مرشح، فليسأله ما هي خططه لتأمين الحقوق وما هي خطته لإخراجنا من الجورة التي نحن فيها:
- فليحدد مشاريع القوانين التي سيدعمها، وهل سيطور العمل التشريعي الحقيقي في مجلس النواب؟


- هل سيدعم قانون الشفافية المطلقة ويتعهّد بإقراره ومراقبة تنفيذه، خصوصاً انّ هذا القانون جاهز وتمّ تقديمه الى مجلس النواب في 2 شباط 2021، وبالتالي سهل جداً إقراره، الّا إذا لم يرغب بالشفافية. لذلك على الناخب ان يعرف انّ كل من لا يرغب بالشفافية ويتجاهل هذا القانون يعني انّه يريد الاستمرار في السرقات والهدر (علماً أنه يوجد قانون حالي للحصول على المعلومات ولكنه قانون خاطىء اذ ارتكز على مبدأ طلب المعلومة وليس الشفافية المطلقة وكرّس مفهوم المصلحة والصفة، هذا القانون مضرّ وبعيد عن الشفافية، وعدم وجوده افضل من وجوده لأنه يوهِم بالشفافية ويُغطي الفساد).


- ما هو تصوره لإعادة تعويضات الناس في الضمان الاجتماعي؟


- هل لديه حلول جدّية للتعليم، خصوصاً أننا نواجه أزمة تعليمية نتائجها مخيفة؟


- ما هو تصَوّره لمعالجة ازمة القطاع المصرفي وإعادة الثقة بهذا القطاع، وما هو موقفه من إعادة ما تبقّى من الودائع للناس بعدما وضعت المصارف يدها عليها واستولت على قسم لا يُستهان به من هذه الودائع بوسائل ملتوية؟


- هل سيطّلع ويُطلعنا على الارقام والبيانات في مصرف لبنان المركزي وعلى التقارير المدققة بجدّية؟


- هل سيقترح تفعيل القطاع العام وتغيير الإجراءات الادارية لزيادة فرص لبنان الاستثمارية؟


- هل ستكون مشكلات التصدير وفتح الحوار مع دول الجوار لتفعيل التصدير البري ورفع الحصار عن لبنان من ضمن برامجه؟


- ما هو تصوّره لأزمة الكهرباء وانقطاع الادوية وانهيار القدرة الشرائية للبنانيين؟


- ما موقفه من الضرائب الحالية، وهل هو مع إلغاء الضرائب التي تعرقل البيئة الاستثمارية وتهشّل المستثمرين الأجانب والمغتربين؟


نتمنى على كل مواطن ان ينتخب مرشحه بناءً على هذه الافكار. فقد علّمتنا التجارب انّ الانتخاب غير المبني على البرامج يمنع المحاسبة، ويعطي النائب توكيلاً عاماً يتصرف به كما يشاء. وتبين انّ نتيجة ذلك أوصلتنا الى التعتير.


ونذكر مجدداً اننا اذا اخترنا ان ننتخب من لا يترشّح تحت شعار قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، ويتعهّد بإقراره ومراقبة تنفيذه، نكون قد أهدرنا أهمّ حقوقنا، وتنازلنا عن المطالبة بأموالنا وعن السؤال عن الهدر والفساد، ولماذا لا نحصل على الخدمات الرئيسية مثل التعليم والطبابة والمواصلات.

الأكثر قراءة